بيوتٌ مودعةٌ
هذه آخرُ سيجارةٍ توقدها الشمسُ وتقذفُ بها مُودِعةً أعقابَها فوقَ سطحِ البيت
هذا آخرُ عود كبريتٍ يَحرقُ هيكلَه النحيفَ
تكريماً لاحتراقنا المستمر منذ أعوامٍ
بعدها لم تكنْ هناك امراةٌ تنتظرُ وراءَ السورِ
ولم يكنْ هناك رجلٌ ينتظرها تحتَ مظلةِ شجرةِ التوت..
ولم يكن هناك انتظارٌ لشيءٍ بعد
منقذنا الذي انتظرنا مجيئه منذُ أعوام
جاء بعد منتصفِ الليل
سرقَ قوتَنا وهرب!
ثمّ.. كم على الجدران أنْ تستقيمَ
بعد أنْ غادرَ أصحابُها منذ أعوامٍ تحتَ الترابِ
هذا البيتُ سيُقتسمُ حسبَ أصولِ الشرعِ
سيعطون الأبوابَ التي احتمينا خلفَها خوفاً من العاصفة، للعاصفة!
سيقدمون مساحتَه بالمتر المكعبِ للذكور
وسقوفَه للإناث
إناثٌ ابيّضتْ جدائلُهن ما بين طواحين الصبرِ
هذه آخرُ زاويةٍ „كورنر“ منها أطالعُ القمرَ الذي تُطالعَه أنت،
هذه الاسطواناتُ الرومانسيةُ
لم تعدْ تداعبُ مشاعرَ السطورِ
دعْه خامدا تحتَ الرماد
أيّها الهوسُ
واطفئي لهاثَكِ الحارقَ، أيّتُها الشهوةُ
أمواتُ هذه القرية
لا يهزهزُ ركبتيهم الخوف
الخوفُ يعني عدّاد العمرِ
وهم من دونه سعداءٌ
فكرةٌ مقتبسةٌ
أنْ تطأ قدماك بيوتاً لا تعرفُ الاشتعالَ بعد..
اليوم عرفتُ أنّ لتجاعيد وجهِ أبي ألفَ قصةٍ
وأنّ لصمت أمي صراخٌ مخبئٌ
اليوم عرفتُ أن الإجهاضَ له وجعٌ أديم
أيّها المسافرُ شرقا
أيّها المسافرُ غربا
أيّها المسافرُ المتجاهلُ كلّ الجهاتِ
كان لابدّ أنْ تأخذَ حزمةَ مفاتيحَنا للتذكار معك!
بعدك لا الشرقُ يعرفِ الشمسَ
وللقمرَ أطباعٌ مُذِلّة،
أيّها الموتُ
إنّكَ تنمو في جيوبِ القمصانِ المكدسةِ في الحقائب
أيّها الاملُ
امنحِ المجيءَ ثمنا ولا تأتِ،
أيّتها الحياةُ
أنا التي ودعتْ بيوتا ألف
لا أعرفْ بعد،
لماذا
البيوت تُعَمرُ أكثرَ من سكانِها !؟