Menu
Suche
Weiter Schreiben ist ein Projekt
von WIR MACHEN DAS

> Einfache Sprache
Logo Weiter Schreiben
Menu
(W)Ortwechseln > Lina Atfah & Nino Haratischwili > Es ist ein ganzes Leben, das seine Fäden zwischen uns spinnt – Brief 2

حياة تنسج خيوطها بيننا

من نينو هارتيشفيلي إلى لينة عطفة - 30.01.2019 - الرسالة الثانية

Übersetzung: Osman Yousufi

العزيزة لينة،

تستطيعين بكلّ سرور أن ترسلي الأغاني التي تحبّين، فلطالما كان للموسيقى حيّزٌ مهم في حياتي.
كل فرد من عائلتي غنّى أو عزف الموسيقى، إلا أنا، أنا العاقّة التي اختارت الكتابة.
ومضةٌ جميلة هي عبارتكِ تلك „أحاول أن أغفر للحياة ظلمها“ فيها من الأثر بقدر ما فيها من الحزن.
لقد جعلني اقتراح أنيكا في الأمس أفكّر طويلاً بكلمة „أطلال“، فكّرتُ بما قد يدور في فلكِها، وأنّ فضاء كلمةٍ كهذه لطالما كان مزدحماً.
كثيرةٌ هي الأشياء التي قد تستحيل أطلالاً، ليس بالمعنى الماديّ فقط إنما العاطفيّ أيضاً وكم حدث أن ذهبت بنا الحياة إلى حيث تُهزَم أكثر توقّعاتِنا رصانةً.
ولا أجد بدّاً من تذكّر صورة بيتٍ متهالك كنت قد التقطتها في شبابي.
ولكِ أن تغفري رداءة الصورة، فالأصليّة كنتُ قد صوّرتها بكاميرا تقليدية وأعلّقها اليوم على حائط في شقّتي وهنا أرسل لك صورة للصورة.
كنت حينذاك في السادسة أو السابعة عشرة، أنهيت سنوات المدرسة للتّو وكنت أشتعل حماسةً وتوقاً لأبدأ حياتي، أردت أن أدرس في الجامعة، أن أرفع نخب حريّتي الغضّة عالياً، أردت أن أخوض الحياة حتى الثمالة.
لكن كل ما كان حولي كان موحشاً وقاسياً، كان تعيساً ومعطوباً، كان جامداً، بدت البلاد آنذاك كلها كطللٍ، كخرابة:
نضال لأجل الاستقلال، أزمة اقتصادية، انهيار الاتحاد السوفييتي، حربان حدوديتان وأخرى أهليّة مزّقت العاصمة، ركودٌ ثقافيٌّ عام ومخاوف وجوديّة عميقة، هكذا كان كل ما حولي يجعل الكأس التي أردت أن أعبّها دفعةً واحدة كأساً مرّة أعافها.

على الرغم من كلّ ذلك حاولت وأصدقائي، مشينا لساعات طوال، تكلّمنا دون وجلٍ عن أحلامنا وأمانينا، شربنا أحقر أنواع البيرة، شعرنا بأنفسنا كيف كنا نكبر معاً، وقعنا في الحب ونجونا منه. كنا نعيش في عالم موازٍ، لا سياسة فيه ولا أوصياء بل الكثير من الفنّ وأحلام اليقظة.

اكتشفت المنزل الذي في الصورة في إحدى تلك الغزوات مع الأصدقاء. يقع البيت قبالة مقهىً سيصبح لاحقاً ملتقانا المفضل وما يزال قائماً حتى اليوم. يتصل بناء المقهى ببناء مسرح للدمى، حيث تجدين ألذّ كعكة تفاح في العالم والكثير الكثير من السائحين اليوم.
على الجهة الأخرى يقع المنزل العتيق البهيّ، لعله يعود للقرن التاسع عشر، بيت عاش فيه أحدهم وعشق ووُلِد ومات واليوم يقف مشطوراً إلى نصفين، ومن عتمة الصدع الكبير تطلع شجرة يانعة نحيلة. أذكر أن أزهاراً بيضاء كانت تزيّن فروعها، لعلّها كانت أزهار الكرز أو لعلّ الخيال التبس عليّ.
شيء ما أسرني في هذا المشهد، تسمّرت في مكاني أحدّق في البيت بينما أصدقائي يبتعدون. إلى اليوم ودون أن أعرف السبب لاتزال الصورة تحتفظ بأثرها في نفسي. عدت في اليوم التالي والتقطت الصورة.

ما تراءى لي يومها لم يكن بمعزلٍ عن حالتي حينها أو عن الطاقة الخفيّة التي جعلتني أخلق من المشاكل اللانهائية التي حاصرتني والمزاج المكدّر إبداعاَ، وجدت فيه منجاتي لاحقاً.
لكن حال البلاد يومها جعلني أتوقّف أمام ذاك البيت أيضاً، بلادٌ لاتزال إلى اليوم تحاول أن تبني فوق الركام لكن دون أن تزيح الأنقاض جانباً. كما أنّ الأمل جعلني أتوقف شاردةً أمام بيت الصورة، الأمل الذي لابدّ منه مها غامت الدنيا من حولنا، الأمل الوجودي الذي يهمس، أن الجديد والمختلف ممكن.

لاحقاً أرسلت الصورة لصديقتي جوليا التي صممت غلاف كتابي „الحياة الثامنة (إلى بريلكا)“ ورجوتها أن تستلهم شيئا ما منها.
وهكذا وجدت الصورة مكاناً لها خفيّاً على غلاف الرواية، والتصقت الصورة بالكتاب إلى الأبد لترافقني بقيّة حياتي.
اليوم يقف بيتٌ جديدٌ هناك، كل شيء لامعٌ ومنمّق والقديم اختفى دون أن يترك وراءه أي أطلال.

اكتبي لي
نينو

Autor*innen

Datenschutzerklärung

WordPress Cookie Hinweis von Real Cookie Banner