العزيز أسامة،
تقترب هذه السنة الغريبة والمرّة من نهايتها، وأتمنى لو ينتهى الوباء كذلك، لأسباب أنانية، أن نتمكن من الحركة بحرية مُجدّداً ونلتقي أخيراً. لو سيحدث ذلك، متى سيكون وأين؟ في أول الربيع؟ في برلين؟ سيُيسّر ذلك مواصلة مراسلتنا، عندما تستند كلماتنا إلى انطباعاتنا شخصية. أعدك على كل حال: عندما تزور برلين، سأعرفك على المدينة شخصياً وبطريقة لن تنساها! إن نيسان ومايو أفضل وقت لذلك، فالمدينة تُدهِشُ باخضرارها حتى يزيد حتى عن خُضرة مروج لانغنبرويش!
أشكرك على التفاصيل التي أرسلتها حول مشروع كتابك. فعندما ذكرت (شرف الذاكرة) لأول مرة، خشيت أن تكون مقالة مجردة عن الذاكرة وفقدانها، وعن التذكر بتعريفه ما يتبقى بعد النسيان. لكن أرى الآن أنّك معنيٌّ بالحفاظ على توقعات وتطلعات وخيبات أمل جيلك حتى لا تزيد الهوّة بينه وبين الجيل القادم.
اسمح لي أن أضيف أيضاً كلمة عن النقد الأدبي. إن فهمتك بشكل صحيح، تسأل عن ما إذا وصل مستوى النقد إلى مستوى أفضل ما يُكتب من الشعر في أيامه؟ أو هل من الممكن أن تنقصه المعايير المناسبة لاستيعاب الجريء والجديد في الأدب؟ هل النقد مُقيّد بما هو قديم وغير قادر على منح آراء حرة؟ لأبدأ بالبديهيات: ليس هناك نقد واحد. هناك نقّاد تمتعوا بتنشئة اجتماعية معينة ولهم اهتمامات مختلفة ومعرفة خاصة. ولا يمكننا أن نعرف النتيجة سلفاً، فهي تحتمل المدح اللامتناهي والرفض الصارم على السواء. وآملُ أن ينجح الشعر الجيّد في النهاية، حتى لو كان للنقد دور مهم، فهو يصفّي ما يتم استقباله. لا قوة الناقد، بل قوة الشعر ستفوز.
أودّ أن أختتم رسالتي بهذا الأمل. أتمنى لك ولعائلتك الخير وأقول لك كما يقال في أيامنا: ابق سلبيّاً
تحياتي،
يواخيم