لا تسألني في حديثنا العابر عن سوريا
لا تسألني في حديثنا العابر عن سوريا
كأنها خبر الممالك المفقودة في الشرق
كي لا أقول لك إنني
أسندتُ ظهرها على طرف متحفٍ حربيٍّ في برلين،
وتخليّتُ عن دمشق بعد قصيدتين
قائًلا في مجلة ألمانيةٍ (لا يكترث فيها أحدٌ لحلزون البحر في حيفا) إن والديّ من حيفا.
لا تسألني وأنا متعبٌ عن سوريا
فقد قلتُ كلَّ شيءٍ عن أبي دفعةً واحدةً
وتركتُ أمي هناك، تزيح الجثث عن باب البيت
لتردّ عن أبنائي القادمين
لعنةَ القدامى!
وتناجي:
أيتها الأرض… يا آلهتنا القديمة التي تشبهنا
لم نرغب إلا ببعضِ يديكِ، لنحرس آخر جبلٍ في الشمال
كم صعدناه إليكِ
وكم تطلّعتْ صبيةٌ مِن علوّ جراحها إلى حزنك، بحنوّ عينيها الشابتين
فلماذا كل هذا الموت يا سوريا؟
ولم يبق لنا سوى أحزاننا المتّسخة
ووفرة الرثاء
ومكالمات الفيديو المتقطّعة
وسترات النيون على معابرك
وغبار فمك المحترق
يطمس كل ابتسامةٍ نرفعها إليكِ
مثلما ترفع الليلةُ المقمرةُ ظلالَ الغائبين إلى شبابيك القصور المقفرة.
أيتها الأرض… يا آلهتنا القديمة التي تشبهنا
حني علينا إذ تتفتّحين حول أبداننا
نحن المنسيون تمامًا – مِنك
نحن المنسيون تمامًا – إليكِ..
عبد الرحمن القلق