Menu
Suche
Weiter Schreiben ist ein Projekt
von WIR MACHEN DAS

> Einfache Sprache
Logo Weiter Schreiben
Menu
Text

ما لم يكتب عن مونيكا رينك في ويكيبيديا

وال عامين في مدينة كولونيا، التي كانت مدينتي المفضّلة، المدينة الوحيدة –منذ غادرت دمشق- التي كنت أقول: "إنني عائد إليها" ولست "ذاهبًا إليها"، لم أقرأ قصائدي سوى مرّتين، رغم أن عدد الشعراء السوريين في مدينة كولونيا لا يتجاوز الاثنين.. محمد المطرود وأنا. إلّا أنني في الوقت ذاته، قمت بقراءات أدبيّة في مدن مختلفة، أوروبيّة وألمانية، وفي مراكز ثقافية ومهرجانات مهمّة، حتّى برلين، المدينة التي لم تكن يومًا من المدن المفضّلة لدي، كانت أوّل وأكثر مدينة قرأت فيها نصوصي.

في كلّ يومٍ كان يتمّ التقديم عني مقترنًا باسم صحيفة أبواب التي أسستها وأترأس تحريرها، كنت أشعر أنني أتنازل عن الشاعر داخلي شيئًا فشيئًا، العمل في الصحافة لا يسرق وقت المبدع فقط، بل يستنزف طاقاته وعقله ووقته، وفوق كل هذا، أن تكون مؤسسًا لمشروعٍ ناجح، يعني أنك ستعيش في ظلّه، أنا أعيش في ظلّ الصحيفة منذ أكثر من 17 شهرًا، ولا أفعل شيئًا آخر، نشر لي كتابان باللغة العربيّة، إلا أنهما ليسا بجديدين.

كان رصيدي بالألمانية بضعة نصوص نثرية مترجمة كلّها من كتاب نثري واحد، نشر بالعربيّة بعنوان "مذ لم أمت"، أما في الشعر فكانت لديّ قصيدتان مترجمتان فقط. "الشعر أصعب من أن يترجم"، "أنا لا أقرأ الشعر"، "هل تفكر أن تكتب رواية أو مسرحيّة؟"، "الناشرون والقرّاء الألمان غير مهتمّين بالشعر العربي" هكذا كان يقال لي من قبل مترجمين وناشرين ألمان وسويسريين، فكنت على وشك أن أتوقف عن السعي لترجمة شعري، وأترك النثر الذي أكتبه للترجمة، وأحتفظ بالشعر بلغته الأم.

في الشهر الماضي، أرسلت أنيكا رايخ رسالة تقول فيها إن علي أن ألتقي بمونيكا، وأن علينا أن نناقش نصوصي وأن نتعرف إلى بعضنا لأننا سنصبح شركاء لفترة ليست قصيرة، استغربت الرسالة بداية، من هي مونيكا؟ الاسم الأول لا يقود إلى شيء، لا يوجد اي تعريف، هل هي مترجمة؟ أم شاعرة؟ أم ناقدة؟ بحثت بتفاصيل الرسالة فعرفت اسم العائلة: رينك، مونيكا رينك، لم أنتظر أبدًا، ذهبت إلى ويكيبيديا، وبحثت قليلاً علّني أعرف شيئًا عن شريكتي في مشروع الكتابة، أخبرتني ويكيبيديا أن مونيكا شاعرة ألمانية، قرأتُ بعض المعلومات عن إصداراتها، وما ترجم من أعمالها، والجوائز التي حصلت عليها، وأنها ولدت بعد يوم مولدي بيوم واحد ولكن قبله بعشرين عامًا، إلّا أن معلومات كثيرة عن مونيكا رينك لا تعرفها ويكيبيديا!

لا تعرف ويكيبيديا مثلاً، أن مونيكا تشرب القهوة مع الحليب، ولا تشربها سوداء مثلي، ولا أنّ كلينا يملك المفكّرة ذاتها. لا تعرف أيضًا أن مونيكا مطلعة على جزء كبير من الشعر العربي ومهتمّة به، كيف يمكن لويكيبيديا أن تعرف أن مونيكا تقرأ لابن عربي؟

كنت قد أرسلت لها بعض النصوص المترجمة إلى الألمانية والإنكليزية لتطلع عليها، وحين اجتمعنا، أتت مونيكا على دراجتها، حاملة قاموسين أدبيين، وما إن جلسنا حتى أخرجت قصائدي وقد طبعتْها، ووضعتْها على الطاولة وسألتْني: "أيٌّ منها المفضلة لديك وتريد أن تترجمها؟" قلت: "هذه"، فقالت: "وأنا أيضًا أفضل هذه". فتحت كومبيوترها، وبدأت تترجمها، وتحوّلت جلستنا إلى ورشة عمل لترجمة قصيدة طويلة بعنوان "لم ينتبه أحد لموتك" امتدت من العاشرة صباحًا حتى الثانية بعد الظهر، أربع ساعات من العمل المتواصل والمرهق لمونيكا، وأنا أتابع غير مصدّق ما يجري، لم أكن أتوقع ذلك أبدًا، توقعت نقاشًا عن الشعر والترجمة، عن مشاكل دور النشر، عن فرص النشر في مجلات أدبية، إلّا أن مونيكا جعلت هذه الساعات مليئة بالطاقة حتى أنني نسيت أنني لم أدخّن أبدًا طوال هذه المدة! عندما خرجنا، كلّ ذهب إلى مكانه، مونيكا متعبةً لتحضّر نفسها للسفر في اليوم التالي، وأنا بحمل ثقيل على ظهري، يزن قصيدة طويلة، أهدتني إياها

Zurück

Datenschutzerklärung

WordPress Cookie Hinweis von Real Cookie Banner